قررت المحكمة الاقتصادية اليوم الثلاثاء مد أجل النظر في القضية رقم 150 لسنة 2021 بشأن قرار تصفية شركة الحديد والصلب المصرية، وذلك لإخطار الخصوم. على أن تكون الجلسة القادمة يوم 11 مارس المقبل. هذه الدعوى مرفوعة من ورثة بعض المساهمين في شركة الحديد والصلب بحلوان؛ المهندس أشرف حلمي رمضان، وكارم يحيى سيد إسماعيل. وهي تختصم وزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق وبصفته. وأيضًا رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية، ورئيس الجمعية العامة لشركة الحديد والصلب المصرية بصفته.
اقرأ أيضًا: خالد علي يكتب: هل تعلم أن شركة الحديد والصلب المصرية…..؟
أقام الدعوى كل من المحامين الدكتور أحمد حسن البرعي، الدكتور محمد طه عليوة، محسن البهنسي، أشرف محمد عبد الفتاح، رحمة محمد رفعت. وقد طالبت الدعوى ببطلان القرار الصادر عن الجمعية العامة غير العادية لشركة الحديد والصلب المصرية بتصفية الشركة. وقد دعا المحامي محسن بهنسي، عبر صفحته الشخصية بـ”فيسبوك”، كل المساهمين للتدخل في الدعوى للحفاظ على حقوقهم.
على هامش حكايات المساهمين في “الحديد والصلب”
أحد مقيمي الدعوى هو الصحفي المعروف كارم يحيى تحدث إلى “مصر 360” عن حكاية مساهمة أسرته، فقال إن والدته السيدة زينب أحمد حسن البارودي آمنت بالاكتتاب لإنشاء شركة الحديد والصلب. فاشترت الأسهم من أجل المساعدة في بناء صناعة جديدة تعتبر من الصناعات الاستراتيجية. “ماكنش معاها فلوس وقتها فاتصرفت في أغلب دهبها، واشترت الخمسين سهم بمائة جنية في العام 1957، حيث كان سعر السهم حينها بـ2 جنيه”؛ يقول يحيى. مشيرًا إلى هذا المبلغ الضخم -حينها- والذي كان من الممكن أن يدفع قيمة لفدان أرض أو منزل.
يرى يحيى -يعمل صحفيًا بجريدة “الأهرام”- أن فكرة المشاركة في حملة الاكتتاب كانت شيء معنوي أكثر من كونه مدر للأرباح. ويدلل على ذلك بأن والدته لم تستلم تلك الأرباح التي كانت تصرف بكوبونات إلا لمدة ثلاث سنوات فقط.
ويضيف أن والدته لم تكن ترغب في بيع حصتها في الأسهم، واحتفظت بالكوبونات، وسلمته إياها قبل وفاتها في العام 2006. حيث ظل محتفظًا بها لحين علمه بخبر تصفية الشركة، الذي يرفضه كما يرفضه شريكه في الدعوى القضائية المهندس أشرف حلمي باعتباره وريث لأحد المساهمين في شركة الحديد والصلب.
والدة المهندس أشرف حلمى أيضًا لها أسهم اكتتاب في الشركة. ولذلك فهو يرى ضرورة مشاركة جميع الأطراف في القرار أيًا ما يكون. “بصفتي وريث عن والدتي لأسهم في الشركة كان لابد من سؤالي وغيري من المساهمين بشأن رغبتي من عدمها في مسألة التصفية”.
يقول حلمي إن الحكومة تمتلك 51% من أسهم الشركة وباقي الـ 49% للمساهمين. ما يفرض ضرورة أن يطرح الأمر على المساهمين قبل اتخاذ قرار التصفية. خصوصًا أن المساهمين لما يحصلوا على أرباح منذ شراء الأسهم، على حد قوله.
مجرد محاولة لإنقاذ الحديد والصلب
يقول كارم يحيى إن ما يحدث الآن مع الحديد والصلب هو موجه جديدة من موجات خصخصة الشركات. ويرجع ذلك إلى شروط صندوق النقد الدولي وقروض الاستدانة الواسعة من الخارج لمشروعات “غير مدروسة”، على حد تعبيره.
اقرأ أيضًا: على أنقاض آلات الإنتاج.. محطات انهيار شركة “الحديد والصلب”
لكنه أيضًا لا يعول على الدعوى القضائية التي تقدم بها لإيقاف بيع الشركة. هو ينظر للأمر كمساهمة من المساهمين في واحدة من محاولات أخرى يقوم بها عمال الشركة وبعض المهتمين بالشأن العام. ويشدد على أهمية تضافر كافة الجهود لمحاولة وقف ما وصفه بـ”التدمير المتعمد” لصناعة استراتيجية مثل صناعة الحديد والصلب.
ما حملته عريضة الدعوى
قدم المحامون عدة طلبات في عريضة الدعوة، شملت:
1ـ بصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار المطعون عليه. وذلك بحكم مشمول بالنفاذ المعجل ينفذ بمسودة الحكم دون إعلان. لحين الفصل فى موضوع الدعوى
2ـ ندب لجنة من خبراء الصناعة والتمويل المتخصصين فى هذا الفرع من الصناعة وتمويله. ذلك لإعادة تقييم أوضاع الشركة وإمكانية تقويمها والانتقال بها من الخسارة إلى الربح. وأيضًا تقييم العروض المقدمة في هذا الخصوص.
3ـ بطلان اجتماع الجمعية العامة غير العادية لشركة الحديد والصلب المصرية بتاريخ 11/1/2021 وبطلان ما صدر عنها من قرارات. وبصفة خاصة القرار الصادر بتصفية شركة الحديد والصلب المصرية.
هنا، يوضح الأستاذ محسن بهنسي أن هناك بطلان في انعقاد الجمعية العمومية غير العادية التي أعلنت تصفية الشركة. ويضيف أنهم لجأوا للقضاء لمحاولة وقف تخسير الشركة. خصوصًا بعد تخوفات من إرسال أوامر لشركة الكوك بوقف إرسال فحم الكوك. وهو أمر يؤدي إلى توقف الفرن.
ويشير بهنسي أيضًا إلى علمه بعمل ضبط وإحضار لحوالي 19 عاملاً بالشركة ممن اعترضوا على قرار البيع.
وكان المهندس طارق محمود فتح الله، وكيل ورثة وقف حسن على بكباشي، قد صرح في وقت سابق بأنه بدأ في إقامة دعوي قضائية، لوقف التصرف في الأراضي التي تقام عليها الشركة. سواء بالبيع أو التنازل. وذلك باعتباره وأبناء عمه أحفاد حسن على بكباشي،المالك الأصلي لهذه الأرض “بنسبة السدس على المشاع”، ولديهم الأوراق الثبوتية لذلك.
تحركات عمالية ضد قرار التصفية
في 17 يناير الماضي، نظم عمال الشركة البالغ عددهم حوالي 7000 عامل وقفة احتجاجية استمرت عدة أيام داخل مقر الشركة. طالب العمال حينها بضرورة تدخل الدولة لوقف تنفيذ تلك القرارات. وأيضًا إمكانية العمل على تطوير وتحديث الشركة والحفاظ على أصولها التي تقدر بنحو 100 مليار جنيه، بدلاً من تصفيتها.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يتظاهر فيها عمال شركة الحديد والصلب. فقد سبق ونظموا عدد من الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية في العام 2014. ذلك للمطالبة بصرف مجنب الحوافز، وتوفير الفحم لتشغيل الشركة بكامل طاقتها، وعودة العمال المفصولين للعمل.
اقرأ أيضًا: مقترحات لإنقاذ الحديد والصلب.. الأمر أكبر من حسبة الـ “10 صاغ”
وكان وزير قطاع الأعمال قد أشار، في تصريحات سابقة، إلى أن تعويضات العاملين ستكون مجزية ولن تقل عن ٢٢٥ ألف جنيه لكل عامل في الشركة. ولفت كذلك إلى أن الشركات التابعة للقابضة المعدنية في حاجة ماسة لبعض الخبرات لسداد احتياجاتها.
مبررات التصفية من جانب المسؤولين
أشار الوزير أيضًا إلى أسباب قرار التصفية في بيان نشر على موقع الوزارة. قال إن حجم الخسائر بلغ في مجموعه فى 30 يونيو الماضي حوالى 8.5 مليار جنيه (حوالي 540 مليون دولار). فيما بلغت المديونيات مبلغًا مماثلاً.
وتابع البيان بأن الجمعية العامة غير العادية لشركة الحديد والصلب صادقت على القرار في 11 يناير. وأن الأولوية الأولى حاليًا هي الحفاظ على حقوق ومكتسبات العاملين. وهي مكفولة لهم قانونًا.
تذكر وزارة التجارة والصناعة -في مبررات التصفية- أن الطاقة التصميمية للمصنع 1.2 مليون طن صلب. وأن الحالة الفنية المتدنية للمعدات أدت إلى انخفاض كميات الإنتاج. حيث تم إنتاج 133 ألف طن خلال العام المالي 2017 /2018 بنسبة 11% من الطاقة التصميمية. ووصلت إلى 10% في 30/6/ 2020. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج بالمقارنة بسعر البيع، وفق بيان الوزارة.
وتشير الوزارة إلى متوسط أرباح الشركة السنوية في العقد 1997/2007 والذي يقدر بحوالي 31 مليون جنيه. بينما حققت في العقد التالي 2008/2017 خسائر سنوية بمتوسط 440 مليون جنيه. وبلغت الخسائرالمحققة العام المالي 2017/2018 (900 مليون جنيه). وفى عام 2018 /2019 بلغت 1.5 مليار جنيه. حسب ما نُشر من معلومات على صفحة وزارة قطاع الأعمال
المبررات لم تقنع العمال وحدهم.. النواب يتساءلون
هذه المبررات لم تقنع العمال وأيضًا لم ترق لعدد من أعضاء مجلس الشعب قدموا 7 طلبات إحاطة للمطالبة بالوقوف على أسباب اتخاذ قرار التصفية، وما إذا كان هناك إمكانية لضح أموال من أجل تطوير الشركة وتقليل الخسائر.
شركة الحديد والصلب المصرية، إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام. أنشأت في العام 1954 لاستغلال خامات الحديد في أسوان. وتم بدء الإنتاج عام 1958 بتكنولوجيا ألمانية تعود إلى بدايات القرن العشرين. ثم تطورت فى الستينيات والسبعينيات بتكنولوجيا روسية تعود إلى حقبة الخمسينيات. وقد بلغ رأس مال الشركة المدفوع 1.9مليار جنيه. موزعًا على 976872278 سهمًا بقيمة أسمية للسهم 2 جنيه.
وقد انعقدت الجمعية العمومية غير العادية للشركة في 11 يناير 2021. ذلك برئاسة المهندس محمد السعداوي مصطفى، والمهندس فاروق غريب خميس رئيس مجلس إدارة شركة الحديد والصلب. حيث أعلنت قرارها بتصفية الشركة. مع صرف مستحقات جميع العاملين والبالغ عددهم 7000 عامل. وهو القرار الذي لاقى اعتراضات واحتجاجات كثيرة. ولا تزال بعض الدعاوى القضائية ضده في ساحات القضاء الإداري وأخيرًا الاقتصادي.