لأننا أسرى الصور النمطية لا نقف لنفكر، أو نناقش تلك الصور، لكننا نُعيد تداولها، ونؤكد عليها، إحدى تلك الصور أن المرأة نكدية، الزوجة نكدية. وكأن النكد صنيعة نسائية بامتياز، تظهر الكوميكس والميمز على مواقع التواصل مؤكدة على الصورة المتداولة. فهل تُشارك النساء في إعادة تداول الصور النمطية عنها؟
تُجيد النساء صناعة الأزمات، تجدل التفاصيل وكثيرات يسلطن الضوء على مناطق غير ذي أهمية، فهل تعرفين عزيزتي كيف تختلقين الأزمة؟
-الشك
ميراث من الظلم والتنكيل نحمله في جيناتنا، فحتى هؤلاء اللواتي لم تمررن بلحظات ظلم، يجدن صداه في دواخلهن. نعم إن المشاعر والسلوك يتم انتقاله عبر الجينات الوراثية، اكتشاف علمي معروف وموثق، ومن ثم تخرج الكثيرات معبأة بالشك. يُصبح الشك مثل فجوة تبتلع التفاهم، وتؤول كل الأفعال لصالح الأسوأ.
الشك هو السكين الذي يغرس في قلب الراحة، فتنال من النوم، والتركيز، إذا يأخذ الشك صاحبه لكل مناطق سوء الظن. وقد يصل به إلى حد انكار أي فعل او كلام عكس احتمالات سوء الظن التي نبتت من الشك، وهؤلاء اللواتي يتركن حيز كبير للشك في حياتهن تتحولن إلى الهم والحزن وتطرحن العراك كسلوك يومي.
-المراقبة
تقول إحدى النساء أنها أقلعت عن التفتيش ومراقبة زوجها إذ إنها في كل مرة تفعل ذلك تكون النتيجة اكتشاف إحدى ذلاته. تعتمد فكرة المراقبة على عنصر هام هو انعدام الثقة بين الطرفين، فالشخص الذي يُراقب هو ينتظر خطأ يرتكبه الآخر. ففعل المراقبة لا يحدث في الأشياء الجيدة أو الحسنة، بل هو فعل مرتبط بالإدانة وجمع أدلة على الجريمة.
نادرًا أن تجد شخص يراقب آخر يفعل خير، أو ينتهج سلوك حسن، نحن نُراقب محملين بإدانة داخلية نحو الآخر. ومن ثم هناك افتراض مسبق بوجود فعل مرفوض، المراقبة تحول التفاصيل، وتعطي صبغة الإدانة لكل شيء. فلو أنك عزيزتي تراقبين صديقتك ستصبح ضحكتها وكلامها الخافت في وجودك هو نميمة عنك وسخرية منك. وعندما تراقبين حبيبك أو زوجك، ستجدين حديثه مع أخرى مشروع خيانة مؤكد، لا تقود المراقبة إلا لمشكلة سواء كانت حقيقية أو مفتعلة.
-تسليط الضوء في غير موضعه
تتقن غالبية النساء الالتفات إلى التفاصيل، هذا الأمر الذي يتأرجح بين الميزة والمشكلة، إذ إن كثيرات يتمسكن بتفاصيل صغيرة. لكنها قد تصنع مشاكل كبرى، وتقوى الضغائن التي تنفجر عند أتفه خلاف، فهناك امرأة ستقف عند دخول صديقاتها والقاء السلام بشكل مجمع على الجميع. بينما اختصت واحدة بعناق، هذه تفصيلة صغيرة لكن تسليط الضوء عليها يخلق مشكلة واحتمالات عديدة، فربما تدبر شيء مع الصديقة التي اختصتها بعناق. هي لا تهتم بالجميع، ربما قدمت الى اللقاء مضطرة، عشرات الاحتمالات التي تقود لمشكلة لمجرد الوقوف عند هذه التفصيلة. يدخل الزوج وهو يتحدث في هاتفه، فلا يلقي التحية أو يشير بيده فقط، الوقوف عند هذا الموقف يصنع مشكلة. الأمر الذي ينبغي أن تلفت له المرأة انها ليست محقق ولا تعمل في الكشف عن جريمة، بل هي تعيش حياتها.
-عدم الوضوح والتحديد
من أشهر الميمز المنتشرة والتي تُشير إلى عدم معرفة النساء ما يريدن، هي تلك الميمز التي تقول فيه أنت لو مهتم كنت عرفت لوحدك. كثيرات يعانين التشتت في تحديد رغباتهن أو ما يسعدهن، فهي ترغب في الاهتمام، لكنها تشكو منه وتجده قيد، ضبابية مفهوم السعادة والاهتمام وغيرها من الأمور الهامة لدعم أي علاقة. تلك الضبابية التي تجعل المرأة واقفة في منطقة هي لا تعرف ماذا تُريد، لكنها في نفس الوقت تريد من الشريك أن يعرف مالا تعرفه هي.
-المبالغة في رد الفعل
عاطفية النساء وكونهن مفعمات بالمشاعر، تجعل البعض مبالغات في رد فعلهن سواء الحزين أو المفرح، الإيجابي أو السلبي. وهو ما يضخم الحدث، ويضعه في غير مكانه، ومن ثم يقود صاحبة رد الفعل لمناطق قد تصنع أزمة.
تسقط النساء في فخ الأزمات المفتعلة، نتيجة الشك والمراقبة والتشتت، تلك الأزمات التي تُفسد علاقاتها أو تساعد في الدفع بها نحو النهاية. أحيانا تكون بعض النساء مُحقات في الشك أو المراقبة، لكن التشتت والمبالغة في رد الفعل قد تدفع الأمور نحو السوء.
نحتاج نحن النساء أن نخلع عنا الصور المعتادة، وتصنع كل منا طريقتها في التلقي ورد الفعل الملائم، نحتاج أن نفهم بوضوح مفهوم السعادة ونعمل من أجل سعادتنا. التي ستنعكس بالتأكيد على من حولنا، صناعة الأزمات تحول نظر الكثيرات عن الأزمات الحقيقية التي تحتاج جهد للخروج منها. كما انها تساعد على التشتت وعدم وضوح الرؤية، وتُصبح سببًا مضافًا في الانتقاص من حقوق البعض. إذ إن الرأي الجمعي سينتصر للصورة المعتادة بما ينمط الأخريات، ويصنع حالة من عدم الجدية في التعامل مع وجهات النظر في غالبية المواقف.