انتقلت حالة السخونة التي يشهدها الجو منذ فترة في مصر إلى الصراعات المنزلية التي تطال معظم الأسر. فيما سمي بـ”خناقة التكييف”، حيث يلجأ البعض إلى جهاز التكييف. كحل سحري لارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق ليكون المنزل بالنسبة لهم بردا وسلاما من نار الجو. هذه الأزمة ظهرت في البيوت المصرية على خلفية تشغيل التكييف من عدمه والبقاء في المعركة للأقوى.
فاتورة الكهرباء الباهظة
عرضت إحدى السيدات على مجموعة خاصة بموقع فيسبوك، أزمة بينها وبين زوجها كان بطلها جهاز التكييف. حيث قالت السيدة في تدوينتها (بدون اسم): «من شهور وأنا بطلب من جوزي يجيب لنا تكييف. وفي ظل الظروف المادية الصعبة تم تأجيل الفكرة وبعد عناء طويل نجحت في إقناعه بشراء التكييف بالتقسيط. والحمد لله اشترينا التكييف لكن الأزمة الجديدة اللي ظهرت الخوف من فاتورة الكهرباء، وتحول التكييف لأزمة متجددة بيني وبين زوجي بدل ما يكون سبب للراحة».
وتفاوتت التعليقات على التدوينة، فالبعض داعم لموقف الزوجة مطالبين إياها بضرورة التمسك برأيها لكونها تقف لإعداد الطعام. فيما ذهب البعض يطرح حلول مختلفة لسرقة التيار الكهربائي دون أن يكلفهم تشغيل التكليف فاتورة باهظة.
خلال السنوات القليلة الماضية بدأت الدولة المصرية في رفع الدعم عن عدد كبير من الخدمات التي تقدمها للمواطنين. وكانت الكهرباء من بين تلك الخدمات التي شهدت فاتورتها زيادة مستمرة معتمدة على شرائح تصاعدية في استخدام الكهرباء. وهو ما زاد من المسؤوليات على كاهل المواطن المصري، ولاحقا سيكون سبب في أزمات داخل البيوت المصرية.
التكييف وتأثيراته الصحية
لم تكن أزمة السيدة التي فضلت عدم ذكر اسمها، الوحيدة في المنازل المصرية، إذ بدا واضحا أن الازمة مستمرة. ووصلت إلى حد الخلافات وطلب الخلع والطلاق.
تقول (د، ع)، سيدة ثلاثينية متزوجة، إن أزمتها وصلت إلى حد الخروج من عش الزوجية إلى منزل عائلتها. اعتراضا على موقف زوجها من التكييف، قائلة: “أنا امرأة حامل في الشهر الرابع، ولا أطيق الحرارة المرتفعة التي مرت علينا خلال شهر يونيو. وطلبت من زوجي أن يشتري جهاز تكييف في غرفة النوم، وبالفعل اشتريناه وتم تركيبه بشكل سريع. إلا أنه زوجي كان يرفض تشغيله في فترة النوم لأنه يعاني من أزمة صحية في عموده الفقري وتزداد سوءا في ظل الهواء البارد الذي يخرج من التكييف”.
وتضيف “في البداية تقبل الأمر على مضض لكن فوجئت به يرفض تشغيل التكييف لأنه يؤثر عليه في عمله. ونشبت مشادة كلامية بيني وبينه وأقسم أنه لن يقبل بتشغيل التكييف في فترة النوم. ووجدت نفسي أعاني من الحر القاتل مرة أخرى لذا تركت له المنزل وذهبت إلى منزل عائلتي للبقاء هنا والهروب من حر الصيف القاتل”.
وفي ظل الارتفاع الحاد في درجات الحرارة يتعامل البعض مع جهاز التكييف على أنه جزء أساسي من المنزل. وليس مجرد نوع من الرفاهية، يمكن التنازل عنه تحت أي حال من الأحوال. ووصل الأمر إلى وضع شرط لإتمام الزواج وجود جهاز التكييف.
يقول (م.ي)، شاب في نهايات العقد الثاني ويستعد لإتمام زواجه خلال الشهر الجاري. أنه فوجئ بأن عائلة خطيبته لم توافق على إتمام الزواج إلا بحضور جهاز التكييف.
ويضيف قائلا: “فوجئت بأن حماتي تصر على أن أشتري جهاز التكييف ومصممة على رأيها دون اعتبار لغلو الأسعار. أو أنني بالفعل صرفت “تحويشة العمر” في تجهيز شقة الزواج كي تكون صالحة للعيش. وبالرغم من معرفتها بكل الأزمات المالية التي أرجأت موعد الزفاف أكثر من مرة إلا أنها لم تشعر بحرج من الأمر. وأصبح زواجي متوقف على شراء التكييف”.
وتابع “وكأن مطلوب مني أن أحاسب على التغير المناخي الذي يعصف بكوكب الأرض في ظل الأزمات المالية. التي تكاد تمنعني من شراء بدلة الفرح، لكن يجب احضار التكييف أولا”.
يبدو الأمر رغم قتامته مثيرا للسخرية، لكنها في النهاية تثير الخلافات بين أفراد الأسرة الواحدة ليدفع زوجة على ترك عش الزوجية. من أجل شجار حول تشغيل التكييف من عدمه، وأخرى تعيش مأساة دفعتها لأن تضع أسرار المنزل على صفحات السوشيال ميديا. من أجل الوصول إلى حل، وأخيرا إلى أن يتوقف قرار الزواج على شراء التكييف.!