توقع خبراء في السياسات الصحية أن يساهم مشروع الجينوم المصري في إحداث نقلة نوعية في متابعة الأمراض الوراثية، ورفع كفاءة النظام الطبي المصري في توقع الأمراض وبالتالي تجنبها، إذ يعد “الجينوم” أكبر مشروع علمي في تاريخ مصر الحديثة.
كان وزير التعليم العالي، الدكتور خالد عبدالغفار، أعلن أمس موافقة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية على إطلاق إشارة البدء في تنفيذ مشروع الجينوم المرجعي للمصريين وقدماء المصريين، وإنشاء المركز المصري للجينوم، مشيرًا إلى أنه من المتوقع الانتهاء منه بداية عام 2025 بتكلفة 2 مليار جنيه.
ووقع الاختيار على مركز البحوث والطب التجديدي، التابع لوزارة الدفاع مقرا للمشروع، بمشاركة علمية من الجامعات والمراكز البحثية المصرية ومعاهد وزارة الصحة ذات الخبرة في علم الجينوم، بموجب اتفاقية تعاون ثلاثية بين الأكاديمية ومركز الطب التجديدى بوزارة الدفاع والجهات المنفذة.
ويهدف المشروع إلى رسم خريطة جينية مرجعية للمصريين، ودراسة الجينوم المرجعي للقدماء المصريين، والجينات المتعلقة ببعض الأمراض الشائعة في مصر، مثل أمراض القلب والأورام والأمراض الوراثية.
اهتمام بالأمراض الجينية
وشهدت السنوات الماضية اهتاما متزايدا بعلوم الجينات وأصبح هناك دول تخصص من ميزانيتها مبالغ طائلة من أجل هذا النوع من العلوم الورثية، ففي نهاية العام الماضي اختارت المجلة العلمية”Genome Biology”، بحثا أنجزه المصري هيثم شعبان، كواحد من أفضل الأوراق البحثية الممثلة لعام 2020 وعلى مدى آخر 20 عاما، بالمعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا بلوزان، ووصفته مجلة “جينوم” حسب ما هو منشور على موقعها الرسمي بأنه واحدة من أفضل 20 مقالة بحثي، حيث توصل لطريقة يمكن بها وعبر ميكروسكوب صغير وجهاز كمبيوتر فقط فحص الخلايا البشرية الحية ومعرفة تركيبة الجينوم الخاص بها والتسلسل الوراثي داخلها لمعرفة مدى إمكانية إصابتها بالمرض من عدمه.
“علم الجينوم هو أحد فروع علم الوراثة المتعلق بدراسة الجينوم، أي كامل المادة الوراثية داخل مختلف الكائنات الحية، وبالتالي دراسة التسلسل الوراثي للجينات المكونة للخلية البشرية لاكتشاف أي خلل بها”.
وحول أهمية المشروع، يقول الدكتور علاء غنام، مسئول الحق فى الصحة فى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن الجينوم هو مشروع أمريكي قديم يهدفون من خلاله تصميم خرائط جينية و حينها طُرح استخدام العلاج الجيني وهو مكلف جدًا والبحث فيه يأخذ وقت كبير جدًا، وبالتالي ننفذ للعصر الجيني.
هنا بداية طرح المشروع نحتاج إلى الخطوة الأولى وهي عمل خريطة جينية نعرف من خلالها الأكثر انتشارًا بين الجينات خاصة المتوارثة، أي الأمراض المتوارث مثل عائلة لديها أمراض مثل السكر أو الضغط، الخريطة تساعدنا على تحديد انتشار الأمراض غير سارية في مصر، لأننا نعرفها في مصر بالخبرة.
هذا يحدث بجانب معرفة المتغيرات الجينية المختلفة والمرتبطة بالأمراض المنتشرة وقابلية الإصابة بها بين المصريين، ويجري ذلك من خلال مقارنة المادة الوراثية للمرضى مع الجينوم المرجعي.
ويضيف أن العلاج الجيني هو الخطوة الثانية وهي خطوة مختلفة تمامًا، مرحجًا أن خطوة الجينوم جيدة ومناسبة سوف تساعد في عمل مراكز البحث العلمي وبالتالي، تأسيس قواعد بيانات جينية خاصة بالمصريين، وتأهيل وتدريب كوادر قادرة على دراسة تلك البيانات واستخدامها في تطوير نظام صحي أكثر مواءمةً للمصريين. “من ناحية المبدأ ذاته فهو شيء عظيم” يقول الغنام.
وبشكل عام، يقول خبراء في السياسات الصحية إن تحديد تسلسل جينوم كل شخص سيكون مفيدًا للوقاية من مجموعة متنوعة من أمراض القلب وحتى السمنة، حيث تظهر الأدلة المتزايدة أن تسلسلات معينة للحمض النووي تشير إلى الاستعداد للسمنة، وبالتالي فإن مجرد معرفة أن أحد الأفراد لديه مخاطر أعلى للإصابة بالسمنة يمكن أن يكون دافعًا كافيًا لاتباعه نمط حياة أكثر صحة أو اتباع نظام دوائي مناسب.
5 ملايين مصري يعانون من أمراض وراثية
وعلى الرغم من أن الدكتورة غادة القماح، رئيس قسم الوراثة الإكلينيكية بالمركز القومي للبحوث، ذكرت أنه لا توجد إحصائية رسمية في مصر توضح أرقام الأمراض الوراثية لدى المواطنين، إلا أن نسبة حدوث الأمراض الوراثية عند المصريين وفقا للإحصائيات المحدودة لدى القسم تصل من 4.5% إلى 5% من سكان مصر أي 5 ملايين مواطن يعانون من أمراض وراثية.
بنك جيني
الدكتور محمد أدريس، رئيس الجمعية المصرية لتحسين الخدمات الإكلينيكية، والمسئول السابق للبرنامج الصحي في مؤسسة مصر الخير، يؤكد أنه وفقًا لما نشر فإن خطة البحث موجودة ويتبقى التنفيذ، وبالطبع في حالة وجود خريطة ربما يساعد في إنشاء بنك للوصف الجيني في مصر يكون له علاقة بالأمراض الشائعة، لأنه كلما زادت معرفتنا وقدرنا على الوصول للخريطة ستكون نقلة نوعية في الأمراض الوراثية، بالإضافة إلى القدرة على توقع الأمراض وتجنبها.
جدير بالذكر أن عدة دول عربية وإقليمية قد بدأت مشروعها الوطني الخاص لبناء قاعدة بيانات جينية، تشمل الإمارات والسعودية وقطر وتركيا.