“يستقبل قصر عابدين مساء يوم الجمعة المقبل، ولأول مرة منذ سنوات، حفلاً جماهيريًا كبيرًا، تُحييه كوكب الشرق أم كلثوم”.. لم يكن هذا إعلان سمعته عبر الراديو في الخمسينيات من القرن الماضي، لكنه الحقيقة التي وفرتها لنا تقنية “الهولوجرام”، كأحد أحدث وسائل الترفيه والتعلم، وكذلك إثارةً للجدل والانتقاد، خاصة فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية.
ظهرت تقنية “الهولوجرام” لأول مرة في العام 1972 على يد لويد كروز، ولم يستخدم بشكل فعلي وجماهيري عربيًا إلا في حفل لكوكب الشرق استضافته محافظة العلا بالمملكة العربية السعودية في العام الماضي 2019.
أزمة حقوق
قبل هذا الحفل، قال الفنان عصام الديك إن الإعلان الترويجي يستخدم مقطع فيديو تعود حقوق الملكية الخاصة به إلى شركته، وأوضح أن الأمر تم دون إبلاغه أو موافقته، مشيرًا إلى أنه كان قد أرسل مقطع الفيديو لأحد الشركات الإماراتية للتسويق للفكرة، وتم الترويج للحفل من خلال الفيديو، وحذف العلامة التجارية للشركة، ما يعد مخالفًا لما ينص عليه قانون حماية حقوق الملكية الفكرية.
لم تكن هذه الأزمة الأولى لحفلات “الهولوجرام”، إذ سبقتها أخرى العام الماضي أيضًا، مع حفل جمع الفنانة كارول سماحة بـ”هولوجرام للعندليب الأسمر” عبدالحليم حافظ، الذي اعترض ورثته على إقامة الحفل وهددوا بمنعه مستندين أيضًا إلى حقوق الملكية الفكرية، وهو ما ردت عليه الشركة المنظمة للحفل بأنها أبرمت تعاقدًا بالفعل مع الشركة المالكة لحقوق استغلال المصنفات الفنية الخاصة بالفنان الراحل، وأن التعاقد يمنح لها الترخيص باستغلال بعض المصنفات الفنية للعندليب.
ولا يقتصر الأمر في هذا النزاع بين الهولوجرام وحقوق الملكية الفكرية علينا هنا في الوطن العربي، ففي عام 2012، ظهر مغني الراب الأمريكي توباك على خشبة المسرح، وذلك بعد مقتله بما يقرب من 15 عامًا، كما ظهر المطرب مايكل جاكسون بتلك التقنية، وشهدت الولايات المتحدة خلافات على حقوق الملكية الفكرية لتلك التقنية، وإمكانية تجسيد المتوفين، والاستفادة من أعمالهم، وقال باحثون إن تلك التقنية تهدف لأمور ربحية ودوافع تجارية، ما يستوجب حفظ حقوق الملكية الفكرية لأصحابها.
إحياء للتراث أم استغلال للحقوق
وبالعودة إلينا عربيًا، يرى الموسيقار صلاح الشرنوبي أن تلك التقنية تواجه حقوق الملحن والمؤلف وأيضًا ورثة الفنان الراحل؛ أصحاب الحق في رفض الفكرة أو قبولها، وذلك تأكيدًا على اقتناعه بموقف عائلة العندليب الأسمر، من حفل “الحلم”، الذي أحيته كارول سماحة العام الماضي.
وأوضح الشرنوبي أن قانون حماية الملكية الفكرية يوضح تلك البنود والحقوق ولا يمكن تجاوزها، وهو رأى اختلف معه زياد الطويل نائب جمعية المؤلفين نجل الموسيقار الراحل كمال الطويل، الذي يرى أن تلك التقنية تستخدمها دول عدة وأثبتت نجاحها، وأنه بدلاً من محاربة التكنولوجيا والتطور يجب الاهتمام بمثل هذه التقنيات، خاصة أنها لا تقدم أمورًا مخالفة لتراث أو أعمال الفنان الراحل، ولكنها إحياءً لأعماله، وتذكير لمحبيه.
وفي تصريحات سابق، دافعت وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم عن تقنية “الهولوجرام”، وأكدت أن هذا النوع من التقنية يساعدنا في إحياء الفنون الراقية التي شكلت الهوية المصرية، وعلى رأسها أغاني كوكب الشرق أم كلثوم، مشيرةً إلى أن مشروع تحديث مصر التابع لوزارة الثقافة يضم في جزء منه استخدام تلك التقنية، المناسبة والمحببة لدى الشباب.